Rabu, 22 Januari 2014

المولد النبوي في شهر ربيع الأول



( فائدة ) في فتاوى الحافظ السيوطي في باب الوليمة ( سئل ) عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع وهل هو محمود أو مذموم وهل يثاب فاعله أو لا 

قال ( والجواب ) عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف اه

 وقد بسط الكلام على ذلك شيخ الإسلام ببلد الله الحرام مولانا وأستاذنا العارف بربه المنان سيدنا أحمد بن زيني دحلان في سيرته النبوية ولا بأس بإيراده هنا فأقول قال رضي الله عنه ومتعنا والمسلمين بحياته
  
 ( فائدة ) جرت العادة أن الناس إذا سمعوا ذكر وضعه صلى الله عليه وسلم يقومون تعظيما له صلى الله عليه وسلم وهذا القيام مستحسن لما فيه من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وقد فعل ذلك كثير من علماء الأمة الذين يقتدى بهم

 قال الحلبي في السيرة فقد حكى بعضهم أن الإمام السبكي اجتمع عنده كثير من علماء عصره فأنشد منشده قول الصرصري في مدحه صلى الله عليه وسلم

قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب على ورق من خط أحسن من كتب وأن تنهض الأشراف عند سماعه قياما صفوفا أو جثيا على الركب فعند ذلك قام الإمام السبكي وجميع من بالمجلس فحصل أنس كبير في ذلك المجلس وعمل المولد
 واجتماع الناس له كذلك مستحسن

 قال الإمام أبو شامة شيخ النووي ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان للفقراء مشعر بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكر الله تعالى على ما من به من إيجاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين

قال السخاوي إن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار والمدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم

 وقال ابن الجوزي من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام وأول من أحدثه من الملوك الملك المظفر أبو سعيد صاحب أربل وألف له الحافظ ابن دحية تأليفا سماه التنوير في مولد البشير النذير فأجازه الملك المظفر بألف دينار وصنع الملك المظفر المولد وكان يعمله في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا وكان شهما شجاعا بطلا عاقلا عالما عادلا وطالت مدته في ملك إلى أن مات وهو محاصر الفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة محمود السيرة والسريرة

 قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ( حكى ) لي بعض من حضر سماط المظفر في بعض المواليد فذكر أنه عد فيه خمسة آلاف رأس غنم شواء وعشرة آلاف دجاجة ومائة ألف زبدية وثلاثين ألف صحن حلوى وكان يحضر عنده في الموالد أعيان العلماء والصوفية فيخلع عليهم ويطلق لهم البخور وكان يصرف على الموالد ثلاثمائة ألف دينار

 واستنبط الحافظ ابن حجر تخريج عمل المولد على أصل ثابت في السنة وهو ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى ونحن نصومه شكرا فقال نحن أولى بموسى منكم وقد جوزي أبو لهب بتخفيف العذاب عنه يوم الإثنين بسبب إعتاقه ثويبة لما بشرته بولادته صلى الله عليه وسلم وأنه يخرج له من بين إصبعيه ماء يشربه كما أخبر بذلك العباس في منام رأى فيه أبا لهب ورحم الله القائل وهو حافظ الشام شمس الدين محمد بن ناصر حيث قال إذا كان هذا كافرا جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلدا أتى أنه في يوم الإثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمد فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا قال الحسن البصري قدس الله سره وددت لو كان لي مثل جبل أحد ذهبا لأنفقته على قراءة مولد الرسول

 قال الجنيدي البغدادي رحمه الله من حضر مولد الرسول وعظم قدره فقد فاز بالإيمان

 قال معروف الكرخي قدس الله سره من هيأ لأجل قراءة مولد الرسول طعاما وجمع إخوانا وأوقد سراجا ولبس جديدا وتعطر وتجمل تعظيما لمولده حشره الله تعالى يوم القيامة مع الفرقة الأولى من النبيين وكان في أعلى عليين ومن قرأ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم على دراهم مسكوكة فضة كانت أو ذهبا وخلط تلك الدراهم مع دراهم أخر وقعت فيها البركة ولا يفتقر صاحبها ولا تفرغ يده ببركة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم

 وقال الإمام اليافعي اليمنى من جمع لمولد النبي صلى الله عليه وسلم إخوانا وهيأ طعاما وأخلى مكانا وعمل إحسانا وصار سببا لقراءة مولد الرسول بعثه الله يوم القيامة مع الصديقين والشهداء والصالحين ويكون في جنات النعيم
 وقال السري السقطي من قصد موضعا يقرأ فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم فقد قصد روضة من رياض الجنة لأنه ما قصد ذلك الموضع إلا لمحبة الرسول

 وقد قال عليه السلام من أحبني كان معي في الجنة قال سلطان العارفين جلال الدين السيوطي في كتابه الوسائل في شرح الشمائل ما من بيت أو مسجد أو محلة قرىء فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم هلا حفت الملائكة بأهل ذلك المكان وعمهم الله بالرحمة والمطوقون بالنور يعني جبريل وميكائل وإسرافيل وقربائيل وعينائيل والصافون والحافون والكروبيون فإنهم يصلون على ما كان سببا لقراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم قال وما من مسلم قرىء في بيته مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلا رفع الله تعالى القحط والوباء والحرق  والآفات والبليات والنكبات والبغض والحسد وعين السوء واللصوص عن أهل ذلك البيت فإذا مات هون الله تعالى عليه جواب منكر ونكير وكان في مقعد صدق عند مليك مقتدر

 ( وحكي ) أنه كان في زمان أمير المؤمنين هارون الرشيد شاب في البصرة مسرف على نفسه وكان أهل البلد ينظرون إليه بعين التحقير لأجل أفعاله الخبيثة غير أنه كان إذا قدم شهر ربيع الأول غسل ثيابه وتعطر وتجمل وعمل وليمة واستقرأ فيها مولد النبي صلى الله عليه وسلم ودام على هذا الحال زمانا طويلا ثم لما مات سمع أهل البلد هاتفا يقول احضروا يا أهل البصرة واشهدوا جنازة ولي من أولياء الله فإنه عزيز عندي فحضر أهل البلد جنازته ودفنوه فرأوه في المنام وهو يرفل في حلل سندس واستبرق فقيل له بم نلت هذه الفضيلة قال بتعظيم مولد النبي صلى الله عليه وسلم

 ( وحكي ) أنه كان في زمان الخليفة عبد الملك بن مروان شاب حسن الصورة في الشام وكان يلهو بركوب الخيل فبينما هو ذات يوم على ظهر حصانه إذ أجفل الحصان وحمله في سكك الشام ولم يكن له قدرة على منعه فوقع طريقه على باب الخليفة فصادف ولده ولم يقدر الولد على رد الحصان فصدمه بالفرس وقتله فوصل الخبر إلى الخليفة فأمر بإحضاره فلما أن أشرف إليه خطر على باله أن قال إن خلصني الله تعالى من هذه الواقعة أعمل وليمة عظيمة وأستقرىء فيها مولد النبي صلى الله عليه وسلم فلما حضر قدامه ونظر إليه ضحك بعدما كان يخنقه الغضب فقال يا هذا أتحسن السحر قال لا والله يا أمير المؤمنين فقال عفوت عنك ولكن قل لي ماذا قلت قال قلت إن خلصني الله تعالى من هذه الواقعة الجسيمة أعمل له وليمة لأجل مولد النبي صلى الله عليه وسلم  فقال الخليفة قد عفوت عنك وهذه ألف دينار لأجل مولد النبي صلى الله عليه وسلم وأنت في حل من دم ولدي فخرج الشاب وعفى عن القصاص وأخذ ألف دينار ببركة مولد النبي صلى الله عليه وسلم

 وإنما أطلت الكلام في ذلك لأجل أن يعتني ويرغب جميع الإخوان في قراءة مولد سيد ولد عدنان لأن من لأجله خلقت الأرواح والأجسام بحق أن يهدى له الروح والمال والطعام

 وفقنا الله وإياكم لقراءة مولد نبيه الكريم على الدوام وإنفاق المال لأجله في سائر الأوقات والأيام آمين
 ________
حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين
أبي بكر ابن السيد محمد شطا الدمياطي ج3 ص363 المكتبة الشاملة