Sabtu, 13 Mei 2017

صلاة التسابيح


قال شيخنا ابن الحجر الهيتمي نفع الله به ورضي الله تعالى:
الحق في حديث صلاة التسبيح أنه حسن لغيره فمن أطلق تصحيحه كابن خزيمة والحاكم يحمل على المشي على أن الحسن يسمى لكثرة شواهده صحيحا ومن أطلق ضعفه كالنووي في بعض كتبه ومن بعده أراد من حيث مفردات طرقه ومن أطلق أنه حسن أراد باعتبار ما قلناه فحينئذ لا تنافي بين عبارات الفقهاء والمحدثين المختلفة في ذلك حتى إن الشخص الواحد يتناقض كلامه في كتبه فيقول في بعضها حسن وفي بعضها ضعيف كالنووي وشيخ الإسلام العسقلاني

 ومحمل ذلك النظر لما قررته فاعلمه والذي يظهر من كلامهم أنها من النفل المطلق فتحرم في وقت الكراهة ووجه كونها من المطلق أنه الذي لا يتقيد بوقت ولا سبب وهذه كذلك لندبها كل وقت من ليل أو نهار كما صرحوا به ما عدا وقت الكراهة لحرمتها فيه كما تقرر وعبارة الروياني ويستحب أن يعتادها في كل حين ولا يتغافل عنها وعبارة غيره ينبغي الحرص عليها وما يسمع بعظيم فضلها ويتهاون فيها إلا متهاون بالدين وعلم من كونها مطلقة أنها لا تقضى لأنها ليس لها وقت محدود حتى يتصور خروجها عنه وتفعل خارجه لما أفاده الخبر

 وكلام أصحابنا أن كل وقت غير وقت الكراهة وقت لها وأنه يسن تكرارها ولو مرات متعددة في ساعة واحدة والتسبيحات فيها هيئة كتكبيرات العيدين بل أولى فلا يسجد لترك شيء منها ولو نواها ولم يسبح فالظاهر صحة صلاته بشرط أن لا يطول الاعتدال ولا الجلوس بين السجدتين ولا جلسة الاستراحة إذ الأصح المنقول أن تطويل جلسة الاستراحة مبطل كما حررته في شرح العباب وغيره

 وإنما اشترطت أن لا يطول هذه الثلاثة لأنه إنما اغتفر تطويلها بالتسبيح الوارد فحيث لم يأت به امتنع التطويل وصارت نافلة مطلقة بحالها لكنها لا تسمى صلاة تسبيح فإن قلت كيف ينوي صفة ثم يتركها قلت لا بعد في ذلك لأن تلك الصفة كمال وهو لا يلزم بنيته ألا ترى أن من نوى سجود السهو فسجد واحدة ثم طرأ له الاقتصار عليها جاز بخلاف ما لو نوى الاقتصار على سجدة ابتداء لنيته ما لا يجوز حينئذ

صفات صلاة التسابيح
قال المكرم النووي الجاوي رحمه الله وهي أربع ركعات بتسليمة واحدة وهو الأحسن نهارا أو بتسليمتين وهو الأحسن ليلا لحديث صلاة الليل مثنى مثنى 
وصفتها أن تحرم بها وتقرأ دعاء الافتتاح والفاتحة وشيئا من القرآن إن أردت والأولى في ذلك أوائل سورة الحديد والحشر والصف والتغابن للمناسبة في ذلك فإن لم يكن فسورة الزلزلة والعاديات وألهاكم والإخلاص
ثم تقول بعد ذلك وقبل الركوع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم خمس عشرة مرة 
وفي الركوع عشرا
وفي الاعتدال عشرا 
وفي السجود الأول عشرا 
وفي الجلوس بين السجدتين عشرا 
وفي السجود الثاني عشرا 
وفي جلسة الاستراحة أو بعد التشهد عشرا 
فتلك خمسة وسبعون في كل ركعة منها فأربعة في خمسة وسبعين بثلاثمائة ويأتي قبل هذه التسبيحات بالذكر الوارد في هذه الأركان وهذه رواية ابن عباس وهي أرجح من رواية ابن مسعود وهي بعد التحرم وقبل القراءة خمس عشرة مرة وبعد القراءة وقبل الركوع عشرا وفي الركوع عشرا وفي الاعتدال عشرا وفي السجود الأول عشرا وفي الجلوس بين السجدتين عشرا وفي السجود الثاني عشرا ولا شيء في جلوس الاستراحة ولا بعد التشهد وفيما عدا الركعة الأولى يقول الخمسة عشر بعد القيام وقبل القراءة فإن استطعت أن تصليها في كل يوم فافعل فإن لم تستطع ففي كل شهر مرة فإن لم تستطع ففي كل سنة مرة فإن لم تستطع ففي عمرك مرة فإن لم يفعلها أصلا دل ذلك على تكاسله في الدين
 ويدعو بعد التشهد الأخير بهذا الدعاء اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين ومناصحة أهل التوبة وعزم أهل الصبر ووجل أهل الخشية وطلب أهل الرغبة وتعبد أهل الورع وعرفان أهل العلم حتى أخافك اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك حق أعمل بطاعتك عملا أستحق به رضاك وحتى أناصحك في التوبة وخوفا منك حتى أخلص لك النصيحة وحتى أتوكل عليك في الأمور كلها وحتى أكون حسن الظن بك سبحان خالق النور

المراجع:
الفتاوى الكبرى الفقهية لشيخنا ابن حجر الهيتمي

نهاية الزين في إرشاد المبتدئين لمحمد بن عمر بن علي بن نووي الجاوي أبو عبد المعطي