Rabu, 22 Januari 2014

ذكر الدجال


قال القاضي هذه الأحاديث التى ذكرها مسلم وغيره فى قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق فى صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده

 وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من احياء الميت الذى يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته

ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلايقدر على قتل ذلك الرجل ولاغيره ويبطل أمره ويقتله عيسى صلى الله عليه و سلم ويثبت الله الذين آمنوا هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وخلافا للبخارى المعتزلى وموافقيه من الجهمية وغيرهم فى أنه صحيح الوجود ولكن الذى يدعى مخارف وخيالات لاحقائق لها 

وزعموا أنه لو كان حقا لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له وانما يدعي الالهية وهو فى نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص صورته وعجزه عن ازالة العور الذى فى عينيه وعن ازالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه ولهذه الدلائل وغيرها لايغتر به الارعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة فى سد الرمق أو تقية وخوفا من أذاه لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره فى الأمر فلايمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله ودلائل الحدوث فيه والنقص فيصدقه من صدقه فى هذه الحالة 

ولهذا حذرت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من فتنته ونبهوا على نقصه ودلائل ابطاله وأما أهل التوفيق فلا يغترون به ولايخدعون لما معه لما ذكرناه من الدلائل المكذبة له مع ما سبق لهم من العلم بحالة ولهذا يقول له الذى يقتله ثم يحييه ما ازددت فيك الابصيرة هذا آخر كلام القاضي رحمه الله 

قوله صلى الله عليه و سلم ( ان الله تبارك وتعالى ليس بأعور ألاوإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة ) أما طافئة فرويت بالهمز وتركه وكلاهما صحيح فالمهموزة هي التى ذهب نورها وغير المهموزة التى نتأت وطفت مرتفعة وفيها ضوء وقد سبق فى كتاب الايمان بيان هذا كله وبيان الجمع بين الروايتين وأنه جاء فى رواية أعور العين اليمنى وفى رواية اليسرى وكلاهما صحيح والعور فى اللغة العيب وعيناه معيبتان عورا وأن احداهما طافئة بالهمز لاضوء فيها والأخرى طافية بلا همزة ظاهرة ناتئة وأما قوله صلى الله عليه و سلم ان الله تعالى ليس بأعور والدجال أعور فبيان لعلامة بينة تدل على كذب الدجال دلائل قطعية بديهية يدركها كل أحد ولم يقتصر على كونه جسما أو غير ذلك من الدلائل القطعية لكون بعض العوام لايهتدى اليها والله أعلم  

قوله صلى الله عليه و سلم ( مكتوب بين عينيه كافر ثم تهجاها فقال ك ف ر يقرأه كل مسلم ) وفى رواية يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب الصحيح الذى عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها وأنها كتابة حقيقة جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وابطاله ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنتة ولاامتناع فى ذلك وذكر القاضي فيه خلافا منهم من قال هي كتابة حقيقة كما ذكرنا ومنهم من قال هي مجاز واشارة إلى سمات الحدوث عليه واحتج بقوله يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وهذا مذهب ضعيف 

قوله صلى الله عليه و سلم ( معه جنة ونار فجنته نار وناره جنة ) وفى رواية نهران وفى رواية ماء ونار قال العلماء هذا من جملة فتنته امتحن الله تعالى به عباده ليحق الحق ويبطل الباطل ثم يفضحه ويظهر للناس عجزه  

قوله صلى الله عليه و سلم ( فاما أدركن أحد فليأت النهر الذى يراه نارا ) هكذا هو فى أكثر النسخ أدركن وفى بعضها أدركه وهذا الثانى ظاهر وأما الأول فغريب من حيث العربية لأن هذه النون لاتدخل على الفعل قال القاضي ولعله يدركن يعنى فعبره بعض الرواة وقوله يراه بفتح الياء وضمها 

قوله صلى الله عليه و سلم ( ممسوح العين عليها ظفرة غليظة ) هي بفتح الظاء المعجمة والفاء وهى جلدة تغشى البصر وقال الأصمعى لحمة تنبت عند المآقى   
 ________
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 
أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي
ج 18 ص 58المكتبة الشاملة